Қазақстан ислам мәдениеті мұсылмандары мен білімін діни басқармасы қолдау қоры тәлімгер тағылымы


 فصل: في بداية السبق وقدره وترتيبه 



бет12/14
Дата23.01.2020
өлшемі395,81 Kb.
#56379
1   ...   6   7   8   9   10   11   12   13   14
Байланысты:
ТӘЛІМГЕР ТАҒЫЛЫМЫ

 فصل: في بداية السبق وقدره وترتيبه 


كان أستاذنا الشيخ الإمام برهان الدين رحمه الله يُوقِف بداية السبق على يوم الأربِعاء وكان يروي في ذلك حديثا )ويستدل به( ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من شيء بدئ يومَ الأربِعاء إلا وقد تم.»

وهكذا كان يفعل أبو حنيفة رحمه الله وكان يروي هذا الحديث المذكور )بإسناده( عن أستاذه الشيخ الإمام الأجل قوام الدين أحمد بن عبد الرشيد رحمة الله عليه.

وسمعت ممن أثق به أن الشيخ الإمام يوسف الهمداني رحمه الله كان يوقف كل عمل من أعمال الخير على يوم الأربِعاء وهذا ثابت لأن يوم الأربعاء يوم خلق فيه النور وهو يوم نحس في حق الكفار فيكون مباركا للمؤمنين.

26

وأنشدت لبعضهم:



إذا ما اعتز ذو علم بعلم فعلم الفقه أولى باعتزازفكم طيب يفوح لا كمسك وكم طير يطير ولا كباز وأنشدت ) أيضا لبعضهم:(

الفقه أنفس شيئ أنت ذاخره من يدرس الفقه أولى باعتزاز فاجهَدْ لنفسك ما أصبحْتَ تجهَلُه فأول العلم إقبالٌ وآخرُه

وكفى بلذة العلم والفقه والفهم داعيا وباعثا للعاقل .

وقد يتولد الكسل من كثرة البلغم والرطوبات. وطريق تقليله تقليل الطعام. قيل: اتفق سبعون نبيا )عليهم السلام( على أن كثرة النسيان كثرة البلغم وكثرة البلغم من كثرة شرب الماء كثرة شرب الماء من كثرة الأكل .والخبز اليابس يقطع البلغم وكذلك أكل الزبيب على الريق ولا يكثر منه حتى لا يحتاج إلى شرب الماء فيزيد البلغم. والسواك يقلل البلغم ويزيد فى الحفظ والفصاحة فإنه سنة سنية )يزيد فى ثواب الصلاة وقراءة القرآن( وكذلك القيْء يقلل البلغم والرطوبات.

وطريق تقليل الأكل التأمل فى منافع قلة الأكل وهى الصحة والعفة والإيثار. )وقيل فى ذم كثرة الأكل.(

فعار ثم عار ثم عار شقاء المرء من أجل الطعام

وعن النبى عليه الصلاة والسلام: “ ثلاثة يبغضهم الله تعالى من غير جُرم: الأكول والبخيل والمتكبر.”

والتأمل فى مضار كثرة الأكل وهى الأمراض وكلالة الطبع. وقيل:



البِطنة تذهب الفطنة.

25

والعقل طَوقٌ من ذهبْ



العلم تاج للفتى

والجهل نار تلتهب



والعلم نور يلتظى

وأنشدني شيخ الإسلام برهان الدين رحمه الله:

إذ العلم أعلى رتبة فى المراتب ومن دونه عز العلى في المواكب

فذو العلم يبقى عزه متضاعفا وذو الجهل بعد الموت تحت التيارب

رُقِيَّ وَلِيِّ الْمُلك والى

فهيهات لا يرجو مداه من ارتقى الكتائب

فَبِي حَصرٌ عن ذكر كل

سأملي عليكم بعض ما فيه فاسمعوا مناقب

وذو الجهل مر الدهر بين

هو النور كل النور يهدي عن العمى

الغياهب

هو الذروة الشماء تحمِي مَنِ الْتَجَا إليها ويمشي آمنا فى النوائب

به ينتجي والناس فى غفلاتهم به يُرتجى والروح بين الترائب

به يشفع الإنسان من راح عاصيا إلى درك النيران شر العواقب

فمن رامه رام المراتب كلها ومن حازه قد حاز كل المطالب

هو المنصب الكلي يا صاحب الحجا إذا نلته هون بفوت المناصبفإن فاتك الدنيا وطيب نعيمها فغمض فإن العلم خير المواهب

24

إيّاك عن كسل في البحث عن شبه ما قد علمت وما قد شكّ من كسل



وقد قيل: يحصل الكسل من قلّة التأمل في مناقب العلم وفضائله ،فينبغي للمتعلم أن يتعب نفسه على التحصيل والجدّ والمواظبة بالتّأمل في فضائل العلم، فإنّ العلم يبقى )ببقاء المعلومات( والمال يفنى، كما قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه:

رضينا قسمة الجبّار فينا لنا علم و للأعداء مالوإنّ المال يفنى عن قريب وإنّ العلم يبقى لا يزال

والعلم النافع يحصل به حسن الذّكر، ويبقى ذلك بعد وفاته، فإنّه حياة باقية أبديّة.

وأنشد الشيخ الإمام الأجلّ، ظهير الدين، مفتي الأئمّة، والحسن ابن عليّ المعروف بالمرغيناني، رحمه الله تعالى )رحمة واسعة:(

)الجاهلون فموتى قبل موتهم والعالمون وإن ماتوا فأحياء(

)وأندشنا شيخ الإسلام برهان الدين:(

وفي الجهل قبل الموت موت لأهله فأجسامهم قبل القبور قبوروإنّ امرأ لم يحي بالعلم ميّت فليس له حين النشور نشور)وقيل:(

حياة القلب علم فاغتنمه وموت القلب جهل فاجتنبهوقيل:

23

وذكر الشيخ الإمام الأجلّ الأستاذ رضيّ الدين النيسابوريّ رحمه الله، في كتاب مكارم الأخلاق أنّ ذا القرنين لماَّ أراد أن يسافر ليستولي على المشرق والمغرب، شاور الحكماء، وقال: كيف أسافر لهذا القدر من الملك؟ فإنّ الدنيا قليلة فانية، وملك الدنيا أمر حقير، فليس هذا من علوّ الهمّة، فقال الحكماء: سافر ليحصل لك ملك الدنيا والآخرة. فقال: هذا حسن.



وقال رسول الله : }إنّ الله تعالى يحبّ معالي الأمور ويكره سفسافها.{وقيل:

فلا تعجل بأمرك واستدمه فما صلّى عصاك كمستديم

قيل: قال أبو حنيفة رحمه الله لأبي يوسف رحمه الله: كنت بليدا أخرجتك المواظبة، وإيّاك والكسل فإنّه شؤم وآفة عظيمة.

قال الشيخ الإمام أبو نصر الصفاري الأنصاري:

يا نفس )يا نفس( لا ترخي عن العمل في البرّ والعدل والإحسان في مهل

فكلّ ذي عمل في الخير مغتبط وفي بلاء وشؤم كلّ ذي كسل

قال المصنف رحمه الله،: وقد اتفق لي في هذا المعنى:

دعي نفس التكاسل والتواني وإلّا فاثبتي في ذا الهوان فلم أر للكسالى الحَظَّ تحظى سوى ندم وحرمان الأمانيوقيل:

كم من حياء وكم عجز وكم ندم جمّ تولّد للإنسان من كسل

22


وتأتي على قدر المكرام

وتصغر في عين العظيم

لا تقف عند علم واحد كسلاإيّاك بالحقّ هذا الشمع

والشهد فيه شفاء يشفي العللاقال أبو الطيّب رحمه الله:

على قدر أهل )العزم تأتي( العزائم المكارموتعظم في عين الصغير صغارها العظائم

زيد في ج: ص 34.

احرص على كلّ علم تبلغ الكملا فالنخل ناحق من كلّ فاكهة والعسلا

الشمع فيه ضياء في ضياءته



يا طالب العلم أنت فارس، وغيرك راجل، وعلمك حارس، يحشر الناس يوم القيامة عريانا، وأنت بنور العلم لابس، ويوضح لكلّ شيء منبر ،والعالم تحت العرش جالس.

يا طالب العلم الزم الورعا واهجر النوم و اترك الشبعا

يا طالب العلم فاجتهد بالليل والنهار فإنّ تحصيل العلم بالجهد والتكرار.

وإنّ لكلّ شيء آفةً و آفة العلم ترك الجهد و التكرار.

والرأس في تحصيل الأشياء: الجدّ والهمّة، قمن كانت همته حفظ جميع كتب محمد بن الحسن رحمه الله تعالى، واقترن بذلك الجدّ والمواظبة فالظاهر أنّه يحفظ أكثرها أو نصفها. فأمّا إذا كانت له همّة عالية ،ولم يكن له جدّ، أو كان له جدّ ولم يكن له همّة عالية لا يحصل له العلم إلّا قليل.

21

قيل: اتخذ اللّيل جملا تدرك به أملا.



)قال المصنف رحمه الله(: وقد اتفق لي نظم في هذا المعني:

من شاء أن يحتوي آماله جُمَلا فليتّخذ ليله في دركها جَمَلا

أقلل طعامك كي تحظى به سهرا إن شئت يا صاحبي أن تبلغ الكملا

وقيل: من أسْهَر نفسه بالليل فقد فرّح قلبه في النهار.

ولا بدّ لطالب العلم من المواظبة على الدّرس والتّكرار في أوّل الليل وآخره، فإنّ ما بين العشائين ووقت السحر وقت مبارك.

و قيل:


يا طالب العلم باشر الورعا وجنّب النوم و اترك الشبعاداوم على الدرس لا تفارقه فالعلم بالدّرس قام وارتفعا

ويغتنم أيام الحداثة وعنفوان الشباب، كما قيل:

بقدر الكدّ تعطى ما تروم فمن رام المنى ليلا يقوموأيّام الحداثة فاغتنمها ألا إنّ الحداثة لا تدوم

ولا يجهد نفسه جهدا يضعف النفس، حتى ينقطع عن العمل، بل يستعمل الرفق في ذلك، والرفق أصل عظيم في جميع الأشياء. قال رسول الله :}ألا إنّ هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق، ولا تبغض على نفسك عبادة الله تعالى فإنّ المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.{

وقال رسول الله : }نفسك مطيّتك، فارفق بها{. ولا بدّ لطالب العلم من الهمّة العالية في العلم، فإنّ المرء يطير بهمّته كالطّير، يطير بجناحيه.

20

قيل: يُحتاج في التعلّم و التّفقّه إلى جدّ الثلاثة: المتعلّمِ والأستاذ والأب إن كان في الأحياء.



أنشدني الشيخ الإمام الأجلّ الأستاذ سديد الدين الشيرازيّ رحمه الله للشافعيّ رحمه الله.

الجِدّ يُدني كلّ أمر شاسع والجِدّ يفتح كلّ باب مُغلقِوأحقّ خلق الله بالهمّ امرؤ ذو همّة يبلى بعيش ضيّقِ

ومن الدليل على القضاء وحكمه بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمقِ

ولكن من رزق الحجى حُرِم الغنى ضدّان يفترقان أيَّ تفرّقِوأنشدت لغيره:

تمنّيت أن تمسي فقيها مناظرا بغير عناء فالجنون فنونوليس اكتساب المال دون مشقّة تحمّلها فالعلم كيف يكون قال أبو الطيّب:

ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام

ولا بدّ لطالب العلم من سهر الليالي، كما قال الشاعر:


ومن طلب العلا سهر الليالي

بقدر الكدّ تكتسب المعالي

يغوص البحر من طلب اللآلي

تروم العزّ ثمّ تنام ليلا

وعزّ المرء في سهر الليالي

علوُّ القدر بالهمم العوالي

لأجل رضاك يا مولى الموالي

تركت النوم ربّي في الليالي

أضاع العمر في طلب المحال

ومن رام العلا من غير كدّ

وبلّغني إلى أقصى المعالي

فوفّقني إلى تحصيل علم

19

وينبغي لطالب العلم ألّا يجلس قريبا من الأستاذ عند السبق بغيرضرورة، بل ينبغي أن يكون بينه وبين الأستاذ قدر القوس، فإنّه أقرب إلىالتعظيم.

وينبغي لطالب العلم أن يحترز عن الأخلاق الذميمة، فإنها كلاب معنويّة.

وقد قال رسول الله : «لا يدخل الِملائكة بيتا فيه كلب أو صورة .»وإنما يتعلم الإنسان بواسطة الملَك. والأخلاق الذميمة تُعرفُ في كتاب الأخلاق ، وكتابنا هذا لا يحتمل بيانَها، خصوصا عن التكبر و مع التكبر لا يحصل العلم.

قيل: العلم حرب للمتعالي كالسيل حرب للمكان العالي فَصْلٌ: فِي الجِدِّ وَالمُوَاظَبَةِ والهمَّةِ 

ثُمَّ لاَ بُدَّ من الجِدِّ وَالمُوَاظَبَةِ والملازمة لطالب العلم. وإليه الإشارة في القرآن قوله تعالى: «يا يحيى خذ الكتاب بقوةٍ» )مريم ،21(.

وقوله تعالى: «والَّذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا» )العنكبوت ،96(.قيل:

بجدٍّ لا بجدِّ كل مجد فهل جَدُّ بلا جدّ بمجديفكم عبدٍ يقوم مقام حرّ وكم حرّ يقوم مقام عبد

قيل: من طلب شيئاً وجدَّ وجد، ومن قرع الباب ولجَّ ولج. وقيل:

بقدر ما تتعنَّى تنال ما تتمنّى.

18

وينبغي ألاّ يكون في الكتاب شيْءٌ من الحُمرة، فإنها صنيع الفلاسفة ،لا صنيع السلف .



ومن مشايخنا مَنْ كره استعمالَ المركّب الأحمر.

ومن تعظيم العلم تعظيم الشركاء )في طلب العلم والدرس( ومن يُتعلّم منه، والتملق مذموم إلاّ في طلب العلم، فإنه ينبغي أنْ يتملق لأستاذه وشركائه ليستفيد منهم.

وينبغي لطالب العلم أنْ يستمع العلم والحكمة بالتعظيم والحُرمة، وإنْ سمع مسألة واحدةً وكلمةً واحدة ألف مرةٍ.

قيل: منْ لم يكن تعظيمه بعد ألف مرةٍ )كتعظيمه في أول مرةٍ فليس بأهل العلم.(

وينبغي لطالب العلم ألاّ يختار نوع العلم بنفسه، بلْ يفوّض أمرَه إلى الأستاذ )فإنّ الأستاذ( قد حصل له التجارب في ذلك فكان )أعرف ما ينبغي لكل واحدٍ( وما يليق بطبيعته.

وكان الشيخ الإمام الأجلّ الأستاذ “شيخ الإسلام” برهانُ الحق والدين رحمه الله يقول: كان طلبة العلم في الزمان الأول يُفوضون أُمورهم في التعلم إلى أستاذهم، وكانوا يصلون إلى مقصودهم ومُرادهم، والآن يختارون بأنفسهم، ولا يحصل مقصودهم من العلم والفقه. )لأنهم لا يدرون أيُّ العلم أنفع بهم ، وأيّ علم يليق بطبيعتهم( وكان يُحكى أنّ محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى كان يبدأ بكتاب الصلاة على محمد بن الحسن، رحمه الله تعالى، فقال له اذهب وتعلّم علم الحديث لما رأى أنّ ذلك العلم أليق بطبعه فطلب علم الحديث، فصار فيه مقدّما علىحميع أئمّة الحديث.

17

ومن تعظيم العلم تعظيم الكتاب. فينبغي لطالب العلم ألاّ يأخذ الكتابإلاّ بطهارةٍ. وحكي عن الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني، أنه قال: إنمانلتُ هذا العلم بالتعظيم، فإني ما أخذتُ الكاغد إلاّ بطهارة، والشيخ الإمام شمس الأئمة السَّرْخَسِيُّ، كان مبطونا، وكان يكرر في )ليلة( فتؤضأ في تلك الليلة سبعَ عشرةَ مرةً، لأنه كان لا يكرر إلاّ بطهارة، وهذا لأنّ العلم نورٌ، والوضوء نورٌ، فيزدادُ نورُ العلمِ به.



ومن التعظيم الواجب ألاّ يمدّ الرجل إلى الكتاب، ويضع كتب التفسير فوق سائر الكتب، ولا يضع على الكتاب شيئا آخرَ )من محبرة و غيرها.(

وكان أستاذنا شيخ الإسلام برهان الدين، رحمه الله، يحكي عن شيخ من مشايخنا، أنّ فقيها كان وضع المحبرة على الكتاب، فقال له: بالفارسية:

برنيابي.

وكان أستاذنا القاضي الإمام الأجلُّ فخر الدين المعروف بقاضي خان يقول: إنْ لم يرد بذلك الاستخفافَ فلا بأْسَ بذلك، فالأولى أنْ يُحترز عنه.

ومن التعظيم الواجب أن يُجَوّد كتابة الكتاب، ولا يُقرمطَ ويتركَ الحاشيةَ، إلاّ عند الضرورة، ورأى أبو حنيفةَ رحمه اللهُ، كاتباً يقرمط في الكتابة، فقال لا تقرمطْ خطّكَ، إنْ عشْتَ تندمْ، وإن متَّ تُشْتَمْ. يعني: إذا شِختَ، وضعُف بصرك ندمتَ على ذلك .

وحُكي عن الشيخ الإمام مجد الدين الصرحكي، رحمه الله، أنّه قال:

ما قرمطنا ندمنا، وما انتخبنا ندمنا، وما لم نقابلْ ندِمنا.

وينبغي أنْ يكون تقطيعُ الكتاب مربعا، )لا مُدوّرا( فإنه تقطيع أبيحنيفة رحمه الله، وهو أيسرُ )إلى الرفع والوضع والمطالعة( .

16

فسألوا عنه، قال: إنّ ابن أستاذي يلعب مع الصبيان في السكة، و يجيءأحيانا إلى باب المسجد، فإذا رأيته أقوم له، تعظيما لأستاذي.



والقاضي الإمام فخر الدين الأرسابنديُّ كان رئيس )الأئمّة( )في مَرْو(، وكان السلطان يحترمه غاية الاحترام، وكان يقول: إنما وجدتُ هذا المنصب بخدمة الأستاذ، فإني كنتُ )أخدم أستاذي القاضي الإمام أبا زيدٍ الدبوسي، وكنتُ( أخدُمه وأطبخ طعامه ولا آكل منه شيئا.

والشيخ الإمام الأجلُّ شيخ الأئمة الحلوانيُّ، رحمه الله قد كان يخرج ،من بخارى، ويسكن في بعض القرى أياما، بحادثةٍ وقعت له، وقد زارته تلامذته، غير الشيخ الإمام القاضي بكر بن محمد الزرنجري رحمة الله عليه، فقال له حين لقيه: لماذ لم تزرني؟ فقال: كنت مشغولاً بخدمة الوالدة .قال: تُرزَق العمرَ، ولا تُرزق الدرسَ. وكان كذلك، فإنه كان يسكن في أكثر أوقاته في القرى، ولم يَنتظم له الدرس.

فمن تأذّى منه أستاذُه يُحرَم بركةَ العلم، ولا ينتفع بالعلم إلاّ قليلا .

قيل:


إنّ المعلّم والطبيب كليهما لا ينصحان إذا هما لم يُكرما

فاصبرْ لدائك إن جفوتَ طبيبه واقنع بجهلك إن جفوتَ المعلما

وحكي أنّ الخليفة هارون الرشيد بعث ابنه إلى الأصمعي ليعلمه العلمَ والأدبَ، فرآه يوما يتوضأ ويغسل رجلَه، وابن الخليفة يَصبّ الماء )على رجليه(، فعاتب الخليفةُ الأصمعيَّ في ذلك، فقال: إنما بعثتُه إليك لتعلِّمه العلمَ وتؤَدِّبه، فلماذا لم تأْمره بأن يصبّ الماء بإحدى يديه ويغسلبالأخرى رجلك؟.

15

قيل: ما وصل من وصل إلاّ بالحرمة ، وما سقط من سقط إلاّ بتركالحرمة ، وقيل: الحرمة خير من الطاعة ألا يُرى أن الإنسان لا يُكفَّربالمعصية، وإنما يكفر بترك الحرمة.



ومن تعظيم العلم تعظيم المعلم، قال عليٌّ رضي الله عنه: أنا عبد من علّمني حرفا واحدا إن شاء باع، وإن شاء استرقّ، )وإن شاء أعتق(. وقد أُنشدت في ذلك شعرا:

رأيت أحقّ الحق حق المعلّم وأوجبه حفظا على كل مسلمِلقد حق أن يُهدى إليه كرامة لتعليم حرف واحد ألف درهمِ

فإن من علمك حرفا )واحدا( مما تحتاج إليه في الدين فهو أبوك في الدين، وكان أستاذنا الشيخ الإمام سديد الدين الشيرازي رحمه الله يقول: قال مشايخنا: من أراد أن يكون ابنه عالما ينبغي ان يراعي الغرباءَ من الفقهاء، ويكرمهم ، ويعظمهم ، ويعطيهم شيئا ، فإن لم يكن ابنه عالما يكون حافده عالما .

ومن توقير المعلم ألاّ يمشي أمامه، ولا يجلس مكانه، ولا يبتدئ الكلام عنده إلاّ بإذنه، ولا يُكثر الكلام عنده، ولا يسأل شيئا عند ملالته .

ويراعي الوقت، ولا يدقّ الباب، بل يصبر حتى يخرج.

فالحاصل أنه يطلب رضاه ويجتنب سُخطه، ويمتثل أمره من غير معصية الله تعالى، ولا طاعة للمخلوق في معصية الخالق.

كما قال النبي : “ إنّ شرّ الناس من يُذهب دينه لدنيا غيره ، وبمعصية الخالق.”

ومن توقيره: توقير أولاده، ومن يتعلق به، وكان أستاذنا شيخ الإسلام برهان الدين صاحب )الهداية(، رحمه الله، يحكي أن واحدا من كبار أئمّة بخارى ، كان يجلس مجلس الدرس، وكان يقوم في خلال الدرس أحيانا ،

14

وأما اختيار الشريك فينبغي أن يختار المجد والوِرِع وصاحب الطبعالمستقيم والمتفهم ويفرَّ من الكسلان والمعطِّل والمِكثار والمفسد والفتَّان .



قال الشاعر:

عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه فإن القرين بالمقاِرِن يقتديفإنْ كان ذا شر فجانبه سرعةً وإن كان ذا خير فقاِرِنه تهتديوأنشدت:

لا تصحب الكسلان في حالاته كم صالح بفسادِ آخرَ يَفسدُعدوى البليد إلى الجليد سريعة كالجمر يوضع في الرماد فيخمدُوقال النبي : “كل مولود يولد على فطرة الإسلام إلا أن أبويه يهودانه وينصرانه ويمجسانه” الحديث.

ويقال في الحكمة بالفارسية:

يا ربد بدتر بود از ما ربد حق ذات باك الله الصمديا ربد ارتدر سوي جحيم يا رنيكو كيرتا يا بانعيموقيل:

إن كنت تبغي العلم وأهله وشاهدا يخبر عن غائبفاعتبر الأرض بأسمائها واعتبر الصاحب بالصاحب فصل: في تعظيم العلم وأهله 

اعلم بأنّ طالب العلم لا ينال العلم ولا ينتفع به إلاّ بتعظيم العلم وأهله وتعظيم الأستاذ وتوقيره .

13

وطلب العلم من أعلى الأمور وأصعبها فكانت المشاورة فيه أهمّوأوجب.



قال الحكيم رضي الله عنه: إذا ذهبت إلى بخارى فلا تعجل في الاختلاف إلى الأئمة وامكث شهرين حتى تتأمل وتختار أستاذا فإنك إن ذهبت إلى عالم وبدأت بالسبق عنده ربما لا يعجبك درسه فتتركه وتذهب إلى الآخر فلا يُبارَك لك في التعلم فتأمل في شهرين في اختيار الأستاذ وشاور حتى لا تحتاج إلى تركه والإعراض عنه فتثبتَ عنده حتى يكون تعلمك مباركا وتنتفع بعلمك كثيرا.

واعلم بأن الصبر والثبات أصل كبير في جميع الأمور ولكنه عزيز كما قيل في الرجال:

لكل إلى شأو والعلا حركات ولكن عزيز في الرجال ثباتوقيل: الشجاعة صبر ساعةٍ.

فينبغي أن يثبت ويصبر على أستاذ و على كتاب حتى لا يتركه أبتر وعلى فنٍّ حتى لا يشتغل بفن آخر قبل أن يتقن )الأول( وعلى بلد حتى لا ينتقل إلى بلد آخر من غير ضرورة فإن ذلك كلَّه يفرِّق الأمور ويُشغِل القلب ويضيِّع الأوقات ويؤذي المعلم.

وينبغي أن يصبر عما تريده نفسه وهواه. قال الشاعر:

إن الهوى لهو الهوان بعينه وصريعُ كلِّ هوًى صريع هوانويصبر على المحن والبليّات.

قيل: خزائن المنى على قناطير المحن. وأُنشِدْت وقيل: إنه لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:

ألا لا تنالُ العلم إلا بستةٍ سأُنْبِيك عن مجموعها ببيانِذكاءٍ وحرصٍ واصطبارٍ وبلغةٍ وإرشادِ أستاذٍ وطولِ زمانِ

12

ويقدم علم التوحيد والمعرفة ويعرف الله تعالى بالدليل فإن إيمانالمقلد وإن كان صحيحا عندنا ولكن يكون آثما بترك الاستدلال ويختار العتيق دون المحدثات.



قالوا: عليكم بالعتيق وإياكم والمحدثات.

وإياك أن تشتغل بهذا الجدال الذي ظهر بعد انقراض الأكابر من العلماء فإنه يبعد عن الفقه ويضيع العمر ويورث الوحشة والعداوة وهو من أشراط الساعة وارتفاع العلم والفقه كذا ورد في الحديث.

وأما اختيار الأستاذ فينبغي أن يختار الأعلم والأورع والأسن كما اختار أبو حنيفة رحمه الله تعالى حماد بن أبي سليمان رضي الله عنه بعد التأمل والتفكر وقال: وجدته شيخا وقورا حليما صبورا وقال: ثبتّ عند حماد بن أبي سليمان فنبت. وقال: سمعت حكيما من حكماء سمرقند قال: إن واحدا من طلبة العلم شاور معي في طلب العلم وكان قد عزم على الذهاب إلى بخارى لطلب العلم.

وهكذا ينبغي أن يشاور في كل أمر فإن الله تعالى أمر رسوله  بالمشاورة في الأمور ولم يكن أحد أفطن منه ومع ذلك أُمر بالمشاورة وكان يشاور أصحابه في جميع الأمور حتى حوائج البيت .

قال علي رضي الله عنه: ما هلك امرؤ من مشورة.

قيل: الناس رجل ونصف رجل ولا شيء. فالرجل: من له رأي صائب ويشاور. ونصف رجل: من له رأي صائب ولكن لا يشاور أو يشاور ولكن لا رأي له. ولا شيء: من لا رأي له ولا يشاور.

قال جعفرُ الصادق رضي الله عنه لسفيان الثوري رضي الله عنه: شاور في أمرك الذين يخشون الله تعالى.

11

وينبغي لأهل العلم ألا يُذِلَّ نفسه بالطمع في غير المطمع ويتحرزعما فيه مذلة العلم وأهله ويكون متواضعا. والتواضع: بين التكبر والمذلة والعفة كذلك. ويعرف ذلك في كتاب الأخلاق.



أنشدني الشيخ الإمام الأستاذ ركن الدين المعروف بالأديب المختار رحمه الله شعرا لنفسه:

إن التواضع من خصال المتقِي وبه التقي إلى المعالي يرتقي

ومن العجائب عجب من هو جاهل في حاله أهو السعيد أم الشقي

أم كيف يختم عمره أو روحه يوم التوى متسفل أو مرتقي والكبرياء لربنا صفة به مخصوصة فتجنبنها واتقي

قال أبو حنيفة رحمه الله عليه لأصحابه: عظموا عمائمكم ووسعوا أكمامكم. وإنما قال ذلك لئلا يُستخف بالعلم وأهله .

وينبغي لطالب العلم أن يحصل كتاب الوصية التي كتبها أبو حنيفة رحمه الله تعالى ليوسف بن خالد السمتى رحمة الله عليه عند الرجوع إلى أهله وعياله ويجد من يطلبه .

وقد كان أستاذنا شيخ الإسلام برهان الدين والأئمة علي بن أبي بكر قدس الله روحه العزيز أمرنى بكتابته عند الرجوع إلى بلدي فكتبته ولا بد للمدرس والمفتي في معاملات الناس منها.



Достарыңызбен бөлісу:
1   ...   6   7   8   9   10   11   12   13   14




©www.engime.org 2024
әкімшілігінің қараңыз

    Басты бет